شريط الملتقى

الكلمة الطيبة

الله هو المعطي
٣١ كانون الأوّل ١٩٦٩

المطران جورج خضر

-------------------------

محبة الله للإنسان فضل من الله غير مرتكزة على الإنسان. وما تسميه عهداً بين الله والإنسان في الأزمنة التي سبقت مجيء المسيح لا علاقة له بإرادة الإنسان انما هو عطاء إلهي مجاني مرتكز فقط على اختيار الله للإنسان. والله بسبب من فضله يحب الإنسان ولم يشترط حسنة ليحبه ولا يستمر على رحمته لكون الإنسان مطيعًا. والله في الكتاب يرحم الخطأة مهما فعلوا ولا يتنكر لرحمته أو يحد منها بسبب من تصرفاتنا. الرحمة الإلهية لا علاقة لها بما يفعله الإنسان بالله. قد يجدف على الله، وينكره ويتصرف بخلاف وصاياه ورحمة الله هي إياها. انها لا تشترط منك شيئاً. تقترح عليك الحب. أنت تعطي ما استطعت وهي إياها. أنت إذا أحببتها تأخذ منها ولا تأخذ هي منك شيئاً. في الحقيقة ليس بيننا وبين الله علاقة تبادل. هو يعطي من ذاته ويرضاك ولو رفضته ولا يقلل من عطائه لأنه يحبك مجاناً. ليس من عقد ثنائي بيننا وبين الله بحيث يبقي لك حبه ولو أنكرته ولا تستطيع ان تعطيه شيئاً وهو يعطيك كل شيء.

الله يقول لك أحبك أنا من فضلي ليس لأنك تبادلني. من أنت، ماذا عندك؟ لتبادلني، عطاء الله هو المجانية المطلقة التي لا تنتظر منك شيئاً وإذا هو رغب اليك ان تعطيه تفنى أنت بما تعطيه. محبة الله اليك واسعة جداً بمعنى انها لا تنتقص وأنت تنتقص. لا يحجب الرب عطاءه ان أنت أخطأت إليه لأنه يحبك ان كنت كثير التقوى أو كثير الفساد. هو لا ينقص من عطائه مهما فعلت.
أنت الفقير إليه. هو ليس في حاجة اليك. يجعل نفسه فقيراً اليك لتشعر انك شيء. أنت تفنى به. تتودَّد أنت له وهو لا يكسب شيئاً من هذا. الكسب لك في كل حال. ليس عندك في الحقيقة ما تعطيه. ان أعطيته فهذا منه. العهد القديم أو العهد الجديد ليس عهداً ثنائياً. هو عهد من الله فقط. هو دائماً يعطي فإذا قابلت العطاء طاعة يعطي وان لم ترد له شيئاً يعطي.
يعطيك صحة. هي ليست كل شيء ولكنها ركيزة الوجود الجسدي والوجود العقلي. والأعظم من الصحة انه يعطيك حياة روحية أي عيشة مع الله بالقداسة. نعمة كبيرة ان تؤمن انك كلك معطى من الله وعليك ان تحافظ على هذا. لا تبدد هذا بما يؤذي الصحة أو ما يؤذي العقل أو بما يضعف الحياة الروحية فيك. آمن أولاً ان كل ما فيك من خير آتٍ من فوق وينمو إذا أنت أطعت الرب.