شريط الملتقى

المكتبة

عباس الحلبي يُطلق كتابه عن الدروز بالإنكليزية: لمؤتمر درزي يعالج التحديات والمخاوف

من أهل البيت القاضي عباس الحلبي، درزي بالدم والعظم والنشأة والتفكير، "من مجموعة استمرت طيلة الف سنة، في ظروف ولا أصعب، وفي بيئة ولا اعقد"، على قوله. أمامه، جمهور بريطاني، متنوع. ويصدقه القول: "لعل الموحدين الدروز يواجهون اليوم اشكاليات في المشهدين السياسي والديني في لبنان... داخل الطائفة، تنعدم المناقشة عن دورهم على الصعيد اللبناني، ذلك أن ثقل الزعامات يفرض غياب المناقشة ويحرم النخبة الدرزية التفكير للمساهمة في صياغة هذا الدور، عدا عن ان الممارسات على مدى الاعوام ساهمت في تغييب هذه النخبة التي يعول عليها وعلى دورها في مثل هذا الاستحقاق".

"لا ماء في فم القاضي الحلبي، رئيس الفريق العربي للحوار الاسلامي – المسيحي رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز. ما يفكر فيه او يخشاه يضعه على الطاولة أمام الجميع، مع كتابه عن الدروز بالانكليزية. "هذا التغييب ينسحب أيضاً على الصعيد الديني، خصوصاً بعد بروز تيار يقول إن الخصوصية الدرزية هي الباطن، أما الظاهر فهو ممارسة عبادات وطقوس أهل السنة والجماعة... كل هذه الممارسات وغيرها تزيد التباس الموحدين في انتمائهم الديني وعبادتهم الايمانية، حتى ليخشى على ضياع الهوية وتبعثر الخصوصية"، يقول.
"The Druze, A New Cultural and Historical Appreciation" (
أي "الدروز: مقاربة ثقافية وتاريخية جديدة") عنوان كتاب الحلبي بالانكليزية الصادر عن دار النشر اللندنية Garnett Ithaca. وقد وقعه خلال اطلاقه في كلية دراسات الشرق الاوسط وافريقيا في جامعة لندن (SOAS) – بريطانيا، بدعوة من "Awarenes Foundation". ويريد به التوجه أولاً الى الموحدين الدروز "المنتشرين في بقاع الدنيا". "لقد وضعت لهم هذه الترجمة، لتمكينهم من الاطلاع على تاريخهم وثقافتهم ورسالة طائفتهم في المشرق العربي المعقد"، يقول.
نحو 300 صفحة، 8 فصول، وكل منها يتناول موضوعاً مختلفاً يتعلق بالطائفة الدرزية في لبنان والمنطقة: التركيبة الديموغرافية والجغرافيا الانسانية، التحولات التي طرأت عليها في الاعوام الماضية، المراحل التاريخية منذ القرن الحادي عشر الى تاريخ استقلال لبنان، التنظيم الديني والطائفي والاجتماعي للطائفة، المناسبات الدينية والثقافية الخاصة بأبناء الطائفة، مكانة الدروز في الأراضي المقدسة ووجودهم في سوريا، الجاليات الدرزية في المهجر، ودور الدروز في ظل التحولات السياسية في المنطقة.
الخبرة طويلة في العمل العام الدرزي. 40 عاماً على الأقل. من الصغر انخرط الحلبي في شؤون طائفته. "لقد تدرجت في معرفتي بها بشتى مناحي الحياة المذهبية والدينية والتنظيمية والثقافية والاجتماعية والصحية"، يقول. تلك المسيرة المختمرة مكنته من "معرفة واقع حال الطائفة الدرزية ومشكلاتها المستعصية ونقاط القوة فيها، ومن دخول علاقات قوية بكل فئات المجتمع التوحيدي، لا سيما زعامات الطائفة وشيوخها وشبابها، خصوصاً المجتمع المدني الدرزي".
يقرأ الحلبي الواقع انطلاقاً من خبرته ويقوّمه. "لقد وهن المجتمع المدني الدرزي بسبب طغيان ثقل الزعامات على الحياة العامة، واصبح همّ المتصدرين فيه حيازة رضى هذا الزعيم أو ذاك، والاقرار لأي منهما بدور في هذا المجال أو ذاك. وجاءت سنون الحرب لتردع هذا المجتمع عن القيام بدوره المأمول، ذلك أن البعض لجأ الى العنف وسيلة للقمع ومن دون حماية لأحد من الدولة التي يسيطر عليها الاقطاع. فخفتت تجربة هذا المجتمع وضاعت بوصلة النخبة، فلا نلحظ إلا نشاط بعض الهياكل التنظيمية المرتبطة بالزعامات في الجبل. لذلك خلت الحياة في الجبل من اي نشاط ثقافي أو اجتماعي يذكر وذو مدلول على معالجة القضايا التي تهم المجتمع التوحيدي بكل مضامينه".
أوجاع المجتمع الدرزي يشخصها الحلبي كطبيب. "احتكار التمثيل السياسي وعدم تجديد الطبقة السياسية منذ استشهاد الزعيم كمال جنبلاط"، "تجربة المجلس المذهبي منذ العام 2006 التي زادت الانقسام بدلاً من الالتفاف عليه"، غياب الوحدة "في المشروع الدرزي الداخلي"... تمر الأعوام، ويصر على المطالبة "بعقد مؤتمر درزي يعالج تحديات الحاضر وتوجسات المستقبل". ويقول: "لعله تنقصنا الرؤية لاجابة الجيل الجديد التائه في الانقسام السياسي والتحزب الصنمي على مستقبله كجماعة مكونة في هذا الوطن، في الدور والرسالة".
في الفصل الثامن من كتابه، يضع الحلبي "تصوراً مبدئياً" لهذه الرسالة. "كتابي وجهة نظر شخصية لي، لا ألزم أحداً بها سواي... وقد وضعته بصدقية ونزاهة ونتيجة خبرة شخصية عشتها"، يقول للجمهور في الكلية البريطانية. وفي احتفال الاطلاق، أدار الدكتور أمير خنيفس اللقاء، وتكلم رئيس هيئة المصرفيين العرب في لندن جورج كنعان، والكاتب والصحافي في جريدة "الشرق الأوسط" أمير طاهيري.