شريط الملتقى

وثائق

وثيقة السلم الأهلي وتعزيز لغة الحوار التي أطلقها ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار بتاريخ 20-2-2015

 

وثيقة السلم الأهلي وتعزيز لغة الحوار التي أطلقها ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار بتاريخ 20-2-2015

وبمشاركة العديد من علماء الدين والباحثين والمفكرين والناشطين ورجال السياسة.

نداء للحوار من أجل السلم الأهلي

 

إن المبادرين إلى اطلاق هذا النداء، وقد استوقفهم ما وصلتْ إليه الأمور من فظائع وارتكابات بحقّ الإنسانية ومِنْ تدنيس وتشويهٍ للقيم السّامية التي يزخر بها إرثنا الحضاري، والتي كرّسَتْها وَرَعَتْها الرّسالات السّماوية والشرائع السمحة التي خصّ الله سبحانه وتعالى مجتمعاتنا بها وجعلها مهبطاً ومنطلقاً.

وإذ يرون أن الدّعوة إلى كسر حاجز الصمت وإلى رفع الصوت عالياً أضحتْ واجباً دينياً وإنسانياً يفرض على كلّ حرٍّ شريفٍ إشهار موقف الانتصار للحقّ والحوار والحرية والعدالة. بخلاف ما نشهده من إكراه، ومنْ تعنيف، ومنْ إرهابٍ مُنفلت العُقال، بما لا يرتضيه دينٌ أو عقل.

وإذْ يدركون أنّ ما بُعثتْ به الديانات السماوية منْ دعوات إلى الارتقاء بعلاقات البشر، لتكون سبيلاً إلى تمجيد الخالق عبر احترام المخلوق الذي هو خليفته في الأرض، يلتقي مع اتجاهات ومبادئ العهود والمواثيق الدولية في كل ما يتّصل بهياكل ونظم التواصل البشري بجميع ميادين انطباقها وتفاعلها  على أوسع نطاق[1].

وإذ ينظرون بعين التقدير والاحترام إلى جميع البيانات والنداءات الصادرة تباعاً عن أعلى المرجعيات الروحية المسيحية والإسلامية سواء بنتيجة الخلوات واللقاءات المغلقة، أم في صيغة مخرجات للقاءات حوارية بين الطوائف والمذاهب[2].

وإذ يحرصون على التذكير بأن المبادئ الإنسانية السامية المكرّسة في الاتفاقات الاقليمية والدولية وفي البيانات المذكورة أعلاه، كالمساواة وعدم التمييز والعدالة والإنصاف والنزاهة وحكم القانون وغيرها،  قد جرى تبنّيها في الدستور اللبناني ودساتير الدول العربية وفي قوانينها الوضعية الوطنية من جهة، وأن الإجماع العالمي، من جهة ثانية، يميل إلى توسيع نطاق اختصاص القانون الدولي ليشمل الجرائم الخطيرة والتي منها من دون أدنى شك ما يرتكب على مدار الساعة من فظائع بحق الإنسانية.

وإذ يؤكد المبادرون إلى اطلاق هذا النداء، بأنه، بمنطلقاته الإنسانية الملتزمة أطُر ومعايير المجتمعات الديمقراطية، إنما يعبّر عن صحوة ضمير لا تحيّز أو تطييف لها، فإنهم يؤكدون في الوقت نفسه، أنّ نداءهم  يهدف إلى تحفيز الانضمام إلى حراك مجتمعي متوجب الأداء، من دون إبطاء، في سبيل توفير شبكة أمان للسلم الأهلي وقوة مناهضة للعنف، وذلك من خلال برامج وخطط وآليات تنفيذيّة ذات أطر منهجية علمية، تستند إلى مقاربات مفاهيمية واضحة وشفافة، قوامها تعزيز مفهوم الاعتدال في الآراء وفي المواقف وفي السلوكيات، معتبرين أنّ في الاعتدال وفي قبول الآخر المختلف يكمن سرّ تحويل عناصر الاختلاف بين مكوّنات المجتمع إلى مصادر تنوّع وغنى بدلاً من أن تكون بمثابة بذور شقاق وتطرّف، حصادُها الموت والقلق على المصير.

في ضوء كلّ ذلك ومساهمةً في ترسيم وتسهيل إطلاق المراحل العملية لهذا النداء ضمن أنشطة مختلفة ومتلاحقه ومتكاملة، فإنّ المبادرين إلى هذا النداء يقترحون ما يأتي:

 

 

1-                      نحو دور ديني فاعل أخلاقياً واجتماعياً:

أ‌-   الانطلاق من القيم المشتركة في الأديان، والتأكيد على احترام التنوع الديني، والدعوة إلى سلام الأديان.

ب‌-         رفض التطرف الديني والنظر إلى أي اعتداء على مقدس ديني لأية ديانة، كاعتداء على مقدسات جميع الأديان.

ت‌-         رفض نزعة الاحتواء السياسي للمذاهب الدينية، ورفض استغلال الدين وطوائفه ومذاهبه في النزاعات السياسية، والعمل على قيام دولة المواطنة الجامعة، دولة القانون  والمؤسسات الموحدة والقيم الإنسانية.

ث‌-         الدعوة إلى تعميم مساحات الحوار المجتمعي بين الأديان، بعيداً من القطيعة والحواجز الوهمية بين الديانات المختلفة، وتشجيع الممارسات التي تساهم في تعزيز القيم الإنسانية والاخلاق المشتركة بين أبناء جميع الأديان والثقافات، خدمةً لبناء السلم الأهلي والوطني والإنساني.

ج‌-          اعتبار أن من شأن ممارسات الإساءة والكراهية، التي تفرضها  السياسات الظالمة، وخصوصاً الدول الكبرى تجاه الشعوب، والمتحيّزة للعدو الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وحقوق ناسها، أنْ تعزز منطق التطرف الديني بما يهدد بنشر مزيد من عواقب التطرف والتطرف المضاد بين الشعوب والجماعات كما الأفراد.

ح‌-          الرفض التام لكل اشكال المسّ بالتراث والاثار التاريخية التي تعبر عن الهوية الثقافية للشعوب وإنجازها الحضاري.

 

2-                      الحرص على وحدة الأمة وتحصينها في مواجهة الإرهاب

أ‌-   التأكيد بأنّ ما يحدث حالياً من صراعات مشبوهة وصدامات مفتعلة، خصوصاً في العالميْن العربي والإسلامي لا علاقة له البتّة بالإسلام ومذاهبه، بل فيها ما يساهم في تشويه صورة الإسلام والمسلمين.

ب‌-         إدانة ما يحصل من فوضى الفتاوى المحرّضة على تأجيج فتنة بين المذاهب الإسلامية، وخصوصاً بين المسلمين السّنة والمسلمين الشيعة، والعمل على فضح ما في هذه الفتاوى من خطر على وحدة الأمة واستقرارها، ووقف الاتهامات المتبادلة بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم الاجتهادية والفقهية، بل تحريم هذه الاتهامات وتجريمها، مع كل ما قد ينتج منها من تكفير إقصائي متبادل.

ت‌-         العمل على تطوير الخطاب الديني في ضوء المقاصد الأخلاقية السامية، وترتيب أولوياتها، ومنابذة أي مشروع أو تحرك يقومان على استخدام الارهاب والعنف لحسم الخلافات الداخلية، أو تسويغ الخلاف فيه أو التحريض عليه أو التسويق له.

ث‌-         التأكيد على الفارق الجذري بين الإرهاب والمقاومة، وتجريم جميع أشكال الإرهاب، وإدانة مصادر تمويلها وتسليحها، واعتبار كل ما يتعلق بذلك ظاهرة من ظواهر الفساد وجرائمه، وذلك انطلاقاً من كون  الإرهاب استخداماً غير مشروع للعنف يعرض الأبرياء للخطر، من أجل تحقيق مصالح تنافي حقوق الإنسان، فيما المقاومة هي استخدام مشروع للقوة المسلحة لدرء العدوان وإزالة الاحتلال، ما يتوافق مع إرادة الشعب وحفظ استقلال الوطن وحريته وهي تتوافق مع القانون الدولي والشرائع السماوية.

ج‌-          دعوة وسائل الإعلام بمختلف أنواعها إلى ممارسة دور مسؤول يساهم في تعزيز مناخات الوحدة الوطنية والإسلامية وإشاعة قيم الحوار والتواصل والتسامح والقبول بالآخر، وإلى فتح المجال واسعاً لابراز المضمون الحضاري للإسلام ولخطاب الاعتدال والتقريب والوحدة، ونبذ حالات التطرف والتعصب والطائفية والمذهبية، وإظهار مخاطرها على مصالح الوطن والأمة.

 

3-                       مسؤوليات دينية وثقافية واجتماعية

أ‌-   احترام الأديان ورموزها ومقدساتها وتحمل المسؤولية في الدفاع عن الوئام الديني، والاهتمام ببرامج التثقيف والإعلام التي تحضّ على بثّ أفكار التسامح والحوار في المجتمع المدني، ومجانبة أي تحريض على الصراعات العرقية والدينية.

ب‌-         التأكيد على مسؤولية المرجعيات الدينية كافة في تقديم الحلول الممكنة، عبر الحوار المباشر، والمشاركة في انشطة هذا الحوار وبرامجه ومؤسساته، للتقريب بين المختلفين دينياً ومذهبياً، ودعوة كلّ رجال وعلماء الدين إلى تحرير الفهم الديني من الغلو والتطرف.

ت‌-         دعوة جمعيات المجتمع المدني وهيئاته ومنظماته، ومؤسسات الحوار المسيحي الإسلامي، والإسلامي الإسلامي، إلى إعداد خطة طوارئ، ذات توجّهيْن ديني ومدني، تعمل على إطفاء الفتن الدينية والأهلية، كما تسعى إلى توحيد الموقف من ما يسمى "تحليل العنف باسم الدين"، ومعالجة هذه الظاهرة ببرامج متخصصة، من خلال دراسة أسبابها، والإشارة الواضحة إلى تداعياتها الخطيرة على كل من المجتمع والوطن والأمة، وإيلاء الأهمية القصوى لمراجعة المناهج التربوية في ضوء القيم الإنسانية والدينية الأصيلة.

ث‌-         التأكيد بأنّ إنهاء حال الاحتقان المذهبي والطائفي في الأمة هو مسؤولية جميع المواطنين من دون استثناء.

 

4-                      لبنان دولة المواطنة والحريات

أ‌-   الالتزام بميثاق الصيغة اللبنانية في العيش الوطني الواحد، وتكريس مبدأ المواطنة، والحرص على احترام الحريات الدينية في إطار القانون والقيم الأخلاقية، وبذل جميع الجهود الهادفة إلى تحقيق سلام الأديان، والسّلم الاجتماعي  في لبنان، كما في العالميْن العربي والإسلامي.

ب‌-         التأكيد بأنّ الحفاظ على الخصوصيات الدينية العقائدية والشرعية بين اللبنانيين، لا يتنافى واحترام حرية المعتقد الديني لجميع المواطنين، ولا يتعارض وحقّ المواطنة والمساواة بين اللبنانيين كافة.

ت‌-         الترحيب بجميع المبادرات المتصلة بالحوار والعيش الواحد في لبنان، ومساندة الجهود التي تبذل من قبل جميع رؤساء الطوائف اللبنانية والأحزاب والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للحفاظ على الصيغة اللبنانية وميثاقها.



[1] - الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، العهد الدولي بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولان الاختياران الملحقان به، اتفاقيات الغاء جميع اشكال التمييز العنصري ، الاتفاقيات المتعلقة بالطفولة لاسيما لجهة الاتجار ولجهة الاستغلال والاشتراك بالنزاعات المسلحة ، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاانسانية او المهينة.

 

[2] - على سبيل الذكر لا الحصر: الارشاد الرسولي ، وثائق الازهر...الخ

-------------------

حمل الوثيقة بصيغة PDF

من هنا